هو هلال بن أمية بن عامر بن قيس واسمه مالك الأنصاري الواقفي.
وكان قديم الإسلام, كان يكسر أصنام بني واقف, وكانت معه رايتهم يوم الفتح[1].
وشهد هلال بن أمية بدرًا وأحدًا[2].
من مواقف هلال بن أمية مع الرسول :
تخلف هلال بن أمية عن رسول الله في غزوة تبوك فقد ذكر ابن كثير أن قوله تعالي: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 106].
أنهم هم الثلاثة الذين خلفوا أي عن التوبة وهم مرارة بن الربيع وكعب بن مالك وهلال بن أمية قعدوا عن غزوة تبوك في جملة من قعد كسلاً وميلاً إلى الدعة والحفظ وطيب الثمار والظلال لا شكًّا ونفاقًا, فكانت منهم طائفة ربطوا أنفسهم بالسواري كما فعل أبو لبابة وأصحابه وطائفة لم يفعلوا ذلك, وهم هؤلاء الثلاثة المذكورون, فنزلت توبة أولئك قبل هؤلاء, وأرجي هؤلاء عن التوبة حتى نزلت الآية الآتية وهي قوله: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 117، 118].
وقد ذكر البخاري قصة الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك:
يقول كعب بن مالك: "حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله يأتيني فقال: إن رسول الله يأمرك أن تعتزل امرأتك, فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا, بل اعتزلها ولا تقربها.
وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك (يقصد هلال بن أمية ومرارة بن الربيع) فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر, فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله فقالت: يا رسول الله, إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه؟ قال: "لا ولكن لا يقربك". قالت: إنه والله ما به حركة إلى شيء والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه, فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله في امرأتك كما أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه؟ فقلت: والله لا أستأذن فيها رسول الله وما يدريني ما يقول رسول الله إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب؟
فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله عن كلامنا, فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا, فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر, قال: فخررت ساجدًا, وعرفت أن قد جاء فرج وآذن رسول الله بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا وذهب قبل صاحبي مبشرون"[3].
قصة اللعان :
وفي أحد الأيام لاعن هلال بن أمية زوجته، وأقسم لرسول الله إنه لصادق.
عن ابن عباس: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي بشريك بن سحماء فقال النبي : "البينة أو حد في ظهرك". فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً، ينطلق يلتمس البينة، فجعل النبي يقول: "البينة وإلا حد في ظهرك". فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق, فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل وأنزل عليه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6], فقرأ حتى بلغ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9].
فانصرف النبي فأرسل إليها, فجاء هلال فشهد والنبي يقول: "إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب". ثم قامت فشهدت, فلما كانت عند الخامسة وقفوها, وقالوا: إنها موجبة. قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت, فقال النبي : "أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين، خدلج الساقين، فهو لشريك بن سحماء". فجاءت به كذلك, فقال النبي : "لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن"[4].